في تأويل رؤيا العبد نفسه بين يدي ربه عز وجل في منامه
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هارون بعكا قال: حدثنا أبو يعقوب أسحق بن
إبراهيم الأوزاعي قال: أخبرني عبد الرحمن بن واصل أبو زرعة الحاضري
قال: حدثنا أبو عبد الله التستري قال: رأيت في منامي كأنّ القيامة قد قامت
وقمت من قبري فأتيت بدابة فركبتها ثم عرج بي إلى الْسماء فإذا فيها جنة
وأردت أن أنزل فقيل لي ليس هذا مكانك فعرج بي إلى سماء في كل سماء منها جنة حتى صرت إلى أعلى عليين فنزلت ثم أردت أن أقعد
فقيِل لي: تقعد قبل أن ترى ربك عزّ وجلّ قلت: لا فقمت فساروا بي فإذا
بالله تبارك وتعالى قدامه آدم عليه السلام فلما رآني آدم أجلسني يمينه
جلسة المستغيث قلت يا رب أفلجت على الشّيخ بعفوك فسمعت الله تعالى يقول: قم يا آدم قد عفونا عنك.
أخبرنا بوعلي الحسن بن محمد الزبيري قال حدثنا محمد بن المسيب قال حدثنا
عبد الله بن حنيف قال حدثني ابن أخت بشر بن الحرث قال: جاء رجل إلي فقال
أنت بشر بنِ الحرث قلت: نعم قالت رأيت الرب عز وجلّ في المنام وهو يقول:
ائت بشراَ فقل له لو سجدت لي على الجمر ما أديت شكري لما قد بينت اسمك في
الناس.
أخبرنا أحمد بن أبي عمران الصوفي بمكة حرسها الله تعالى قال أخبرني أبو
بكر الطرسوسي قال: قال عثمان الأحول تلميذ الخراز بات عندي أبو سعيد فلما
مضى ثلث الليل صاح بي يا عثمان قم أسرج فقمت فأسرجت.
فقال لي: ويحك رأيت الساعة كأني في الآخرة والقيامة قد قامت فنوديت فأوقفت
بين يدي ربي وأنا أرعد لم يبق على شعرة إلا قد ماتت فقال أنت الذي تشير
إلي في السماع إلى سلمى وبثينة لولا أعلم أنّك صادق في ذلك لعذبتك عذاباً
لا أعذبه أحداً من العالمين.
رؤيا الله جل شأنه
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: من رأى في منامه كأنه قائم بين يدي
الله تعالى و الله تعالى ينظر إليه فإن كان الرائي من الصالحين فرؤياه
رؤيا رحمة وإن لم يكن من الصالحين فعليه بالحذر لقوله تعالى: (يَوْمَ
يَقُومُ النَاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ).
فإن رأى كأنه يناجيه أكرم بالقرب وحبب إلى الناس قال الله تعالى: (وقَرّبْناهْ نَجيّاً).
وكذلك لو رأى أنّه ساجد بين يدي الله تعالى لقوله تعالى: " واسْجُدْ واقْتَرِبْ " .
فإن رأى أنّه يكلمه من وراء حجاب حسن دينه وأدى أمانة إن كانت في يده وقوي سلطانه.
وإن رأى أنّه يكلمه من غير حجاب فإنّه يكون خطأ في دينه لقوله تعالى:
(وَمَا كَانَ لبَشَرِ أن يُكَلِّمَهُ الله إلا وَحْياً أوْ مِنْ وراءِ
حِجَاب) فإن رآه بقلبه عظيماً كأنه سبحانه قرَّبه وأكرمه وغفر له أو حاسبه
أو بشره ولمً يعاين صفة لقي الله تعالى في القيامة.
كذلك فإن رآه تعالى قد وعده المغفرة والرحمة كان الوعد صحيحاً لا شك فيه
لأنّ الله تعالى لا يخلف الميعاد ولكنه يصيبه بلاء في نفسه ومعيشته مادام
حياً.
فإن رآه تعالى كأنه يعظه انتهِى عما لا يرضاه الله تعالى لقوله تعالى: " يَعِظُكُمْ لعَلّكُمْ تَذَكّرونَ " .
فإن كساه ثوباَ فهو هم وسقم ما عاش ولكنه يستوجب بذلك الشكر الكثير.
فقد حكي أنّ بعض الناس رأى كأن الله كساه ثوبين فلبسهما مكانه فسأل ابن
سيرين فقال استعد لبلائه فلم يلبث أن جذم إلى أن لقي الله تعالى فإن رأى
نوراً تحير فيه فلم يقدر على وصفه لم ينتفع بيديه ما عاش.
فإن رأى أنّ الله تعالى سماه باسمه أو اسم آخر.
علا أمره وغلب أعداءه فإن أعطاه شيئاً من متاع الدنيا فهو بل يستحق به رحمته.
فإن رأى كأن الله تعالى ساخط عليه فذلك يدل على سخط والديه عليه فإن رأى كأنّ أبويه ساخطان عليه دل ذلك على سخط الله عليه.
لقوله عز اسمه " اشْكُرْ لي ولِوالِدَيْكَ " .
وقد روي في بعض الأخبار رضا الله تعالى رضا الوالدين وسخط الله تعالى في سخط الوالدين.
وقيل: من رأى كأن الله تعالى غضب عليه فإنّه يسقط من مكان رفيع.
لقول الله تعالى: (ومن يَحلِلْ عَلَيْهِ غَضبيَ فَقَدْ هَوَى).
ولو رأى كأنه سقط من حائط أو سماء أو جبل دل ذلك على غضب الله تعالى عليه.
فإن رأى نفسه بين يدي الله عزّ وجلّ في موضع يعرفه انبسط العدل والخصب في تلك البقعة وهلك ظالموها ونصر مظلوموها.
فإن رأى كأنه ينظر إلى كرسي الله تبارك وتعالى نال نعمة ورحمة.
فإن رأى مثالاً أو صورة فقيل له إنّه إلهك أو ظن أنّه إلهه سبحانه فعبده
وسجد له فإنّه منهمك في الباطل على تقدير أنّه حق وهذه رؤيا من يكذب على
الله تعالى.
فإن رأى كأنّه يسب الله تعالى فإنّه كافر لنعمة ربه عزّ وجلّ غير راضٍ بقضائه
*المسجد والمحراب
والمنارة ومجالس الذكر
أخبرنا عبد الله بن حامد الفقيه قال أخبرنا إبراهيم بن محمد الهروي قال
أنبأنا أبو شاكر ميسرة بن عبداللهّ عن أبي عبد الله العجلي عن عمرو بن
محمد عن العزيز بن أبي داود قال:
كان رجل بالبادية قد اتخذ مسجداً فجعل في قلبه أحجار فكان إذا قضى صلاته قال يا أحجار أشهدكم أن لا إله إلا اللهّ.
قال فمرض الرجلِ فمات فعرج بروحه قال فرأيت في منامي أنّه قال أُمر بي إلى
النار فرأيت حجراً من تلك الأحجار قد عظم فسد عني باباً من أبواب قال
الأستاذ أبو سعد: من رأى في منامه مسجداً محكماً عامراً فإن المسجد رجل
عالم يجتمعٍ الناس عنده في صلاحه وخير وذكر الله تعالى لقوله عزّ وجلّ: "
يذكر فِيها اسمُ الله كَثِيراً " .
فإن رأى كأنّ المسجد انهدم فإنّه يموت هناك رئيس صاحب دين فإن رأى أنّه يبني مسجداً فإنّه يصل رحمه ويجمعِ الناس على خير.
وبناء المسجد يدل على الغلبة على الأعداء لقوله تعالى: " قَال الّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أمرهم لَنَتَخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجداً " .
فإن رأى كأن رجلاً مجهولأ أم بالناس في مسجد وكان إمام ذلك المسجد مريضاً فإنّه يموت.
فإن رأى كأنّ مسجداً تحوِل حماماً دل أنّ رجلاً مستوراً يرتكب الفسوق.
ومن رأى كأن بيته تحول مسجداَ أصاب شرفاً داعياً للناس من الباطل إلى الحق.
ومن رأى كأنّه دخل مع قوم مسجداً فحفر حفرة فإنّه يتزوّج.
ومن رأى كأنّه يصلّي في المحراب: فإنّه بشارة لقوله تعالى: " فَنَادَتْهُ المَلاَئكة وهو قَائِمٌ يُصلِّي فِي المَحْرابِ " .
فإن كان صاحب الرؤيا امرأة ولدت ابناً.
ومن رأى كأنّه يصلّي في المحراب صلاة لغير وقتها فإنّ ذلك خير يكون لعقبه بعده.
فإن رأى أنّه بال في المحراب قطرة أو قطرتين أو ثلاثاً فكل قطرة ابن بب وجيه يولد له.
والمحراب في الأصل إمام رئيس.
وحكي أنّ رجلاً رأى في منامه كأنّه بال في المحراب فسأل معبراً فقال: يولد
غلام يصير إماماً وأما المنارة: فهو رجل يجمع الناس على خير وانهدام منارة
المسجد موت ذلك الرجل وخمول ذكره وتفرق جماعة ذلك المسجد.
ومنارة الجامع صاحب البريد أو رجل يدعو الناس إلى دين الله تعالى.
ومن رأى كأنّه سقط من منارة في بئر ذهبت دولته ودلت رؤياه على أنّه يتزوج امرأة سليطة وله امرأة دينة جميلة.
ورأى مهندس كأنّه ارتقى منارة عظيمة من خشب وأذن فقص رؤياه على معبر فقال يصيب ولاية وقوة ورفعة في إنفاق فولي بلخ.
وقيل أنّ القعقاع ركبه دين عشرة آلاف درهم وكان مغموماً فرأى والده في
منامه على شرف منارة يسبح الله ويهلل فلما رآه دعاه واستيقظ فسأل المعبر
عنه فقال إنّ المنارة علو ورفعة
يصيبها أبوك.
قال فإنّ أبي ميت قال المعبر ألست ابنه قال نعم.
قال لعلك تكون عالماً أو أميراً وأما تسبيحه فإنّك في غم وحزن ويفرجه الله
عزّ وجل عنك لقوله تعالى: " فَنَادىِ في الظُلُمَاتِ أنْ لا إله إلا أنْتَ
سُبْحَانَكَ إنِّي كنْتُ مِنَ الظّالِمين " .
فلم يلبث إلا قليلاَ فإذا رجل قد أخذ بيده وقال له أنت القعقاع فقال في
نفسه ليس هذا إلا غريم ملازم فقال له سعدانة امرأة مريضة وهي توصي إتدعوك
قال فذهب معه فإذا جماعة من المشايخ وكتاب مكتوب أنّ سعدانة جعلت ئلث
مالها للقعقاع فأوصت له بثلث مالها وماتت بعد ثلاثة أيام.
ومن رأى كأنّه يصلي في بيت المقدس ورث ميراثاً أو تمسك ببر وإن رأى أنّه
على مصلى رزق الحج والأمن لقوله تعالى: " واتّخِذوا مِنْ مَقَام
إبْرَاهِيمَ مُصَلّى " .
ومن رأى أنّه يصلي في بيت المقدس إلى غير القبلة فإنّه يحج.
فإن رأى كأنّه يتوضأ في بيت المقدس فإنّه يصير فيه شيئاً من ماله.
والخروج منه يدل على سفر وذهاب ميراث منه إن كان في يده.
فإن رأى أنّه أسرج في بيت المقدس سراجاً أصيب في ولده أو إن عليه نذر في ولده يلزمه الوفاء به.
وأما الْعالْم فهو طبيب الدين والمذكر ناصح لقوله تعالى: " وَذَكّرْ فَإنً الذكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنينَ " .
فإن رأى كأنّه يذكر وليس من أهله فإنه في همِ ومرض وهو يدعو الله تعالى بالفرج.
فإن تكلم بالخنا بالحكمة شفي وقضى ديناَ إن كان عليه ونصر على من ظلمه.
وإن تكلّم بالخنا تعسر عليه الأمر وصار ضحكة يستخف به.
والْقاص رجل حسن المحضر لقوله تعالى: " نَحْنُ نَقْص عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصَص " .
فإن رأى كأنّه يقص أمن من خوف لقوله تعالى: " فَلَمّا تجاءَهُ وقصَّ عَلَيْهِ القَصَصَ قَالَ لآتخَفْ " .
وإن رآه تاجر نجا من الخسران.
وإذا رأى في مكان مجلس ذكر: وقراءة قرآن ودعاء وإنشاد أشعار زهدية فإنّ ذلك الموضع يعمر عمارة محكمة على قدر صحة القراءة.
وإن وقع في القرآن لحن لم يكمل ولم يتم وإن أنشد.
*الزكاة والصدقة
والإطعام وزكاة الفطر
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد جميع الغساني بصيدا قال: أخبرنا أبو محمد
جعفر بن محمد بن علي الهمداني قال حدثنا إبراهيم بن الحسين بن علي
الهمداني عن أبي معمر عبد الله بن عمر المقري عن عبد الوارث بن سعيد عن
الحسن بن ذكوان المعلم أنّ يحيى بن كثير حدثهم أنّ عكرمة بن خالد حدثه أنّ
عمربن الخطاب رضي الله عنه رأى في المنام قيل له لتتصدق بأرضك ثم قيل له
ذلك مرات ثلاث فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بذلك فقال: يا رسول
الله إنه لم يكن لنا مال أوصف لنا منه فقالت رسول الله صلى الله عليه
وسلم: تصدّق بها وأشرط.
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: من رأى كأنه يوفي زكاة ماله بشرائطها
فإنّه يصيب مالاً وثروة لقوله تعالى: " وَمَا اتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ
تُرِيدُونَ وَجْهَ الله فَأولَئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ " .
ورؤية الصدقة في المنام: تختلف باختلاف أحواله الرائينِ فإن رأى عالم كأنّه يتصدّق فإنّه يبذل للناس علمه.
فإن رآها سلطان ولي أقواماً وإن رآها تاجر ارتفق بمبايعته أقوام.
وإن رآها محترف علم الأجراء حرفته.
ومن رأى كأنّه أطعم مسكيناً خرج من همومه وأمن إن كان خائفاً فإن أطعم
كافراً فإنّه يقوي عدواً وتأويل المسكين هو الممتحن ومن رأى كأنّه أدى
زكاة الفطر فإنه يكثر الصلاة والتسبيح لقوله تعالى: " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ
تَزَكّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلى "
ويقضي ديناً إن كان عليه ولا يصيبه في عامه ذلك مرض ولا سقم.
*الصوم والفطر
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: اختلف المعبرون في تأويلهم الصوم فقال
بعضهم من رأى أنّه في شهر الصوم دلّت رؤياه على غلاء السعر وضيق الطعام.
وقال بعضهم أنّ هذه الرؤيا تدل على صحة دين صاحب الرؤيا والخروج من الغموم والشفاء من الأمراض وقضاء الديون.
فإن رأى كأنه صام شهر رمضان حتى أفطر فإن كان في شك يأتيه البيان لقوله تعالى: " هُدَىً للناس وَبَيِّنَاتِ " .
فإن كان صاحب الرؤيا أُميَاَ حفظ القرآن فإن رأى أنّه أفطر شهر رمضان عمداً جاحداً فإنّه يستخف ببعض الشرائع.
فإن رأى أنّه أقر بحقيقة الصوم واشتهى قضاءه فهو رزق يأتيه عاجلاً من حيث لا يحتسب.
وقال بعضهم أنّ من رأى أنّه يفطر في شهر رمضان فإنّه يصيب الفطرة وقال
بعضهم أنّه يسافر في رضا الله تعالى لقوله عزّ وجلّ: " فَمَنْ كَانَ
مِنْكُم مَرِيضاً أَوْ عَلَىِ سَفَر " .
وقيل أنّه من رأى أنّه أفطر في شهر رمضان متعمداً فإنّه يقتل رجلاَ متعمداً.
ومن رأى أنّه قتل مؤمناً متعمداً فإنّه يفطر في شهر رمضان متعمداً.
ومن رأى كأنّه صام شهرين متتابعين لكفارة فإنّه يتوب من ذنب هو فيه.
ومن رأى كأنّه يقضي صيام رمضان بعد خروج الشهر فإنّه يمرض.
ومن صام تطوعاً لم يمرض تلك السنة لما روي في الخبر: " صوموا تصحّوا " .
ومن رأى كأنّه صائم دهره فإنّه يجتنب المعاصي.
ومن رأى كأنّه صائم لغير الله تعالى بل للرياء والسمعة فإنّه لا يجد ما يطلبه.
فإن رأى إنسان تعوّد صيام الدهر أنّه أفطر فإنّه يغتاب إنساناً أو يمرض مرضاً شديداً.
ومن رأى أنّه صائم ولم يدر أفرض هو أو نفل فإنّ عليه قضاء نذر لقول الله
تعالى: " إنِّي نَذَرْتُ للرَّحْمَنِ صَوْمَاً فَلَنْ أُكَلّمَ الْيَوْمَ
إنْسِيّاً " .
وربما يلزم الصمت لأنّ أصل الصوم السكوت.
ومن رأى كأنّه في يوم عيد فإنّه يخرج من الهموم ويعودإليه السرور وا ليسر.
*المقام وزمزم
وما يتصل به والأضاحي والقربانات
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: من رأى كأنّه خارج إلىِ الحج في وقته
فإن كان صرورة رزق الحج وإِن كان مريضاً عوفي وإِن كان مديوناَ قضي دينه
وإن كان خائفاً أمن وإن كان معسراً يسر وإن كان مسافراَ سلم وإن كان
تاجراً ربح وإن كان معزولاً ردت إليه الولاية وإن كان ضالاً هدي وإن كان
مغموماً فرجِ عنه.
فإن رأى كأنّه خارج إلى الحج ففاته فإنّه إن كان والياً عزل وإن كان تاجراً خسر وإن كان مسافراً قطع عليه الطريق وإن كان صحيحاً مرض.
فإن رأى أنّه حجٍ أو اعتمر طال عمره واستقام أمره.
فإن رأى أنّه طاف بالبيت ولاه بعض الأئمة أمرا شريفاً فإن رأى أنه طاف على الكعبة ومكة فإنّه يأتي ذات محرم.
فإن رأى كأنّه يلبي في الحرم فإنّه يظفر بعدوّه ويأمن خوف الغالب.
فإن لبى خارج الحرم فإنّ بعض الناس يغلبه ويخيفه.
ومن رأى كأنّ الحج واجب عليه ولا يحج دل على خيانته في أمانته وعلى أنّه غير شاكر لنعم الله تعالى.
ومن رأى كأنّه في يوم عرفة وصل رحمه ويصالح من نازعه وإن كان له غائب رجع
إليه في أسر الأحوال فإنّ الله تعالى جمع بين آدم وحواء في هذا اليوم
وعرفها له.
فإن رأى أنّه يصلي في الكعبة فإنّه يتمكن من بعض الأشراف والرؤساء وينال أمناً وخيراً.
ومن رأى كأنّه أخذ من الكعبة شيئاً فإنّه يصيب من الخليفة شيئاً.
والكعبة في الرؤيا خليفة أو أمير أو وزير وسقوط حائط منها يدل على موت الخليفة.
ورؤية الكعبة في المنام بشارة بخير قدمه أو نذارة من شر قد همّ به.
فإن رأى كأنّ الكعبة داره فإنّه لا يزال ذا خدم وسلطان ورفعة وصيت في الناس إلا أن يرى الكعبة في هيئة رديئة فذلك لا خير فيه.
فإن رأى كأنّ داره الكعبة فإنّ الإمام يقبل إذاً عليه ويكرمه.
وقيل من رأى أنّه دخل الكعبة فإنّه يدخلها إن شاء اللهّ وقيل أنّه يدخل علىالخليفة.
فإن رأى أنّه سرق من الكعبة رماناً فإنّه يأتي ذا محرم فإن رأى أنّه يصلي فوق الكعبة فإنّ دينه يختل.
فإن رأى أنّه ولي ولاية بمكة فإن الخليفة يقلده بعض فإن رأى أنّه توجه نحو
الكعبة صلح دينه فإن رأى أنّه أحدث في الكعبة دل على مصيبة تنال الخليفة.
فإن رأى أنّه مجاور بمكة فإنّه يرد إلى أرذل العمر.
فإن رأى أنّه بمكة مع الأموات يسألونه فإنّه يموت شهيداً.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني أُصلي فوق الكعبة.
فقال: اتق الله فإني أراك خرجت عن الإسلام.
ورأى مهندس أنّه دخل الحرم وصلّى على سطح الكعبة فقص رؤياه على معبر فقال
تنال أمناً ورأى رجل كأنّه تخطى الكعبة ثم قصها على ابن سيرين فقال: هذا
رجل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل في هوى ألا ترى أنّه يتخطى
القبلة فكان كذلك لأنه دخل في الإباحة.
ومن رأى كأنّه مس الحجر الأسود فقيل إنّه يقتدي بإمام من أهل الحجاز.
فإن قلع الحجر الأسود واتّخذه لنفسه خاصة فإنّه ينفرد في الدين ببدعة.
ومن رأى كأنّه وجد شجر بعدما فقده الناس فوضعه مكانه فهذه رؤيا رجل يظن أنّه على الهدى وسائر الناس على الضلالة.
ومن شرب من ماء زمزم فإنّه يصيب خيراً وينال ما يريده من وجه بر.
فإن رأى أنه حضر المقام أو صلى نحوه فإنّه يقيم الشرائع ويحافظ عليها.
ويرزق الحج والأمن.
فإن رأى كأنّه يخطب بالموسم وليس بأهل الخطبة ولا في أهل بيته من هو من
أهلها فإن تأويلها يرجع إلى سميه أو نظيره أو يناله بعضر البلاء أو ينشر
ذكره بالصلاح.
ومن رأى كأنّه أحسن الخطبة والصلاة وأتمها بالناس وهم يستمعون لخطبته فإنّه يصير والياً مطاعاً.
فإن لم يتمها لمٍ تتم ولايته وعزل.
ومن رأى من ليس بمسلم أنّه يخطب فإنّه يسلم أو يموت عاجلاً فإن رأت امرأة
أنّها تخطب وتذكر المواعظ فهو قوة لقيمها وإن كان كلامها في الخطبة غير
الحكمة والمواعظ فإنّها تفتضح وتشتهر بما ينكر من فعل النساء.
وأمِا المنبر فإنّه سلطان العرب.
والمقام الكريمٍ: وجماعة الإسلام.
فمن رأى أنّه على منبرِ وهو يتكلم بكلام البر فإنّه إن كان أهلا أصاب رفعة
وسلطاناً وإن لم يكن للمنبر أهلاَ اشتهر بالصلاح ثم إن لم يكن للمنبر
أهلاً ورأى كأنّه لم يتكلم عليه أو يتكلم بالسوء فإنه يدل علر أنّه يصلب
والمنبر قد شبه بالجذع.
وإن رأى والٍ أو سلطان أنّه على منبر فانكسر أو صرع عنه أو أنزل عنه قهراً
فإنّه يعزل ويزول ملكه إما بموت أو غيره فإن لم يكن صاحب الرؤيا ذا ولاية
ولا سلطان رجع تأويله إلى سميه أو إلى ذي سلطان من عشيرته.
وحكي أنّ رجلاً أتى جعفر الصادق رضي الله عنه فقال: رأيت كأنّي على منبر أخطب فقال ما صناعتك قال حمامي.
فقال يسعى بك إلى السلطان فتصلب فكان كما عبره.
وقد روي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ من رقدته ثم تبسم وقال: رأيت بني مروان يتعاقبون منبري.
فكان كما رآه صلى الله عليه وسلم.
وأما الأضحية: فبشارة بالفرج من جميِع الهموم وظهور البركة لقوله تعالى: ^^^ وَبَشّرْنَاهُ بِإسْحَقَ نَبِياً مِنِ الصّالِحينَ.
وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلَى إسْحَقَ ^^^.
فإن كانت امرأة صاحب الرؤيا حاملاً فإنّها تلد ابناً صالحاً.
ومن رأى أنّه ضحى ببدنة أو بقرة أو كبش فإنّه يعتق رقاباً.
وإن رأى أنّه ضحى وهو عبد عتق.
وإن كان صاحب الرؤيا أسيراً تخلص.
وإن رآه مديون قضي دينه أو فقير أُثري أو خائف أمن أو صرورة حج أو محارب
نصر أو مغموم فرج عنه ومن رأى كأنّه يقسم في الناس لحم قربانه خرج من
همومه ونال عزاً وشرفاً.
ومن رأى كأنه سرق شيئاً من القربان.
فإنّه يكذب على الله.
وقال بعضهم إن المريض إذا رأى أنّه يضحي دلّت رؤياه على موته.
وقال بعضهم إنّه ينال الشفاء.
وأما رؤية عيد الأضحى فإنّه عود سرور ماض ونجاة من الهلكة لأنّ فكاك إسماعيل كان فيه من الذبح.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هارون بعكا قال: حدثنا أبو يعقوب أسحق بن
إبراهيم الأوزاعي قال: أخبرني عبد الرحمن بن واصل أبو زرعة الحاضري
قال: حدثنا أبو عبد الله التستري قال: رأيت في منامي كأنّ القيامة قد قامت
وقمت من قبري فأتيت بدابة فركبتها ثم عرج بي إلى الْسماء فإذا فيها جنة
وأردت أن أنزل فقيل لي ليس هذا مكانك فعرج بي إلى سماء في كل سماء منها جنة حتى صرت إلى أعلى عليين فنزلت ثم أردت أن أقعد
فقيِل لي: تقعد قبل أن ترى ربك عزّ وجلّ قلت: لا فقمت فساروا بي فإذا
بالله تبارك وتعالى قدامه آدم عليه السلام فلما رآني آدم أجلسني يمينه
جلسة المستغيث قلت يا رب أفلجت على الشّيخ بعفوك فسمعت الله تعالى يقول: قم يا آدم قد عفونا عنك.
أخبرنا بوعلي الحسن بن محمد الزبيري قال حدثنا محمد بن المسيب قال حدثنا
عبد الله بن حنيف قال حدثني ابن أخت بشر بن الحرث قال: جاء رجل إلي فقال
أنت بشر بنِ الحرث قلت: نعم قالت رأيت الرب عز وجلّ في المنام وهو يقول:
ائت بشراَ فقل له لو سجدت لي على الجمر ما أديت شكري لما قد بينت اسمك في
الناس.
أخبرنا أحمد بن أبي عمران الصوفي بمكة حرسها الله تعالى قال أخبرني أبو
بكر الطرسوسي قال: قال عثمان الأحول تلميذ الخراز بات عندي أبو سعيد فلما
مضى ثلث الليل صاح بي يا عثمان قم أسرج فقمت فأسرجت.
فقال لي: ويحك رأيت الساعة كأني في الآخرة والقيامة قد قامت فنوديت فأوقفت
بين يدي ربي وأنا أرعد لم يبق على شعرة إلا قد ماتت فقال أنت الذي تشير
إلي في السماع إلى سلمى وبثينة لولا أعلم أنّك صادق في ذلك لعذبتك عذاباً
لا أعذبه أحداً من العالمين.
رؤيا الله جل شأنه
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: من رأى في منامه كأنه قائم بين يدي
الله تعالى و الله تعالى ينظر إليه فإن كان الرائي من الصالحين فرؤياه
رؤيا رحمة وإن لم يكن من الصالحين فعليه بالحذر لقوله تعالى: (يَوْمَ
يَقُومُ النَاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ).
فإن رأى كأنه يناجيه أكرم بالقرب وحبب إلى الناس قال الله تعالى: (وقَرّبْناهْ نَجيّاً).
وكذلك لو رأى أنّه ساجد بين يدي الله تعالى لقوله تعالى: " واسْجُدْ واقْتَرِبْ " .
فإن رأى أنّه يكلمه من وراء حجاب حسن دينه وأدى أمانة إن كانت في يده وقوي سلطانه.
وإن رأى أنّه يكلمه من غير حجاب فإنّه يكون خطأ في دينه لقوله تعالى:
(وَمَا كَانَ لبَشَرِ أن يُكَلِّمَهُ الله إلا وَحْياً أوْ مِنْ وراءِ
حِجَاب) فإن رآه بقلبه عظيماً كأنه سبحانه قرَّبه وأكرمه وغفر له أو حاسبه
أو بشره ولمً يعاين صفة لقي الله تعالى في القيامة.
كذلك فإن رآه تعالى قد وعده المغفرة والرحمة كان الوعد صحيحاً لا شك فيه
لأنّ الله تعالى لا يخلف الميعاد ولكنه يصيبه بلاء في نفسه ومعيشته مادام
حياً.
فإن رآه تعالى كأنه يعظه انتهِى عما لا يرضاه الله تعالى لقوله تعالى: " يَعِظُكُمْ لعَلّكُمْ تَذَكّرونَ " .
فإن كساه ثوباَ فهو هم وسقم ما عاش ولكنه يستوجب بذلك الشكر الكثير.
فقد حكي أنّ بعض الناس رأى كأن الله كساه ثوبين فلبسهما مكانه فسأل ابن
سيرين فقال استعد لبلائه فلم يلبث أن جذم إلى أن لقي الله تعالى فإن رأى
نوراً تحير فيه فلم يقدر على وصفه لم ينتفع بيديه ما عاش.
فإن رأى أنّ الله تعالى سماه باسمه أو اسم آخر.
علا أمره وغلب أعداءه فإن أعطاه شيئاً من متاع الدنيا فهو بل يستحق به رحمته.
فإن رأى كأن الله تعالى ساخط عليه فذلك يدل على سخط والديه عليه فإن رأى كأنّ أبويه ساخطان عليه دل ذلك على سخط الله عليه.
لقوله عز اسمه " اشْكُرْ لي ولِوالِدَيْكَ " .
وقد روي في بعض الأخبار رضا الله تعالى رضا الوالدين وسخط الله تعالى في سخط الوالدين.
وقيل: من رأى كأن الله تعالى غضب عليه فإنّه يسقط من مكان رفيع.
لقول الله تعالى: (ومن يَحلِلْ عَلَيْهِ غَضبيَ فَقَدْ هَوَى).
ولو رأى كأنه سقط من حائط أو سماء أو جبل دل ذلك على غضب الله تعالى عليه.
فإن رأى نفسه بين يدي الله عزّ وجلّ في موضع يعرفه انبسط العدل والخصب في تلك البقعة وهلك ظالموها ونصر مظلوموها.
فإن رأى كأنه ينظر إلى كرسي الله تبارك وتعالى نال نعمة ورحمة.
فإن رأى مثالاً أو صورة فقيل له إنّه إلهك أو ظن أنّه إلهه سبحانه فعبده
وسجد له فإنّه منهمك في الباطل على تقدير أنّه حق وهذه رؤيا من يكذب على
الله تعالى.
فإن رأى كأنّه يسب الله تعالى فإنّه كافر لنعمة ربه عزّ وجلّ غير راضٍ بقضائه
*المسجد والمحراب
والمنارة ومجالس الذكر
أخبرنا عبد الله بن حامد الفقيه قال أخبرنا إبراهيم بن محمد الهروي قال
أنبأنا أبو شاكر ميسرة بن عبداللهّ عن أبي عبد الله العجلي عن عمرو بن
محمد عن العزيز بن أبي داود قال:
كان رجل بالبادية قد اتخذ مسجداً فجعل في قلبه أحجار فكان إذا قضى صلاته قال يا أحجار أشهدكم أن لا إله إلا اللهّ.
قال فمرض الرجلِ فمات فعرج بروحه قال فرأيت في منامي أنّه قال أُمر بي إلى
النار فرأيت حجراً من تلك الأحجار قد عظم فسد عني باباً من أبواب قال
الأستاذ أبو سعد: من رأى في منامه مسجداً محكماً عامراً فإن المسجد رجل
عالم يجتمعٍ الناس عنده في صلاحه وخير وذكر الله تعالى لقوله عزّ وجلّ: "
يذكر فِيها اسمُ الله كَثِيراً " .
فإن رأى كأنّ المسجد انهدم فإنّه يموت هناك رئيس صاحب دين فإن رأى أنّه يبني مسجداً فإنّه يصل رحمه ويجمعِ الناس على خير.
وبناء المسجد يدل على الغلبة على الأعداء لقوله تعالى: " قَال الّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أمرهم لَنَتَخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجداً " .
فإن رأى كأن رجلاً مجهولأ أم بالناس في مسجد وكان إمام ذلك المسجد مريضاً فإنّه يموت.
فإن رأى كأنّ مسجداً تحوِل حماماً دل أنّ رجلاً مستوراً يرتكب الفسوق.
ومن رأى كأن بيته تحول مسجداَ أصاب شرفاً داعياً للناس من الباطل إلى الحق.
ومن رأى كأنّه دخل مع قوم مسجداً فحفر حفرة فإنّه يتزوّج.
ومن رأى كأنّه يصلّي في المحراب: فإنّه بشارة لقوله تعالى: " فَنَادَتْهُ المَلاَئكة وهو قَائِمٌ يُصلِّي فِي المَحْرابِ " .
فإن كان صاحب الرؤيا امرأة ولدت ابناً.
ومن رأى كأنّه يصلّي في المحراب صلاة لغير وقتها فإنّ ذلك خير يكون لعقبه بعده.
فإن رأى أنّه بال في المحراب قطرة أو قطرتين أو ثلاثاً فكل قطرة ابن بب وجيه يولد له.
والمحراب في الأصل إمام رئيس.
وحكي أنّ رجلاً رأى في منامه كأنّه بال في المحراب فسأل معبراً فقال: يولد
غلام يصير إماماً وأما المنارة: فهو رجل يجمع الناس على خير وانهدام منارة
المسجد موت ذلك الرجل وخمول ذكره وتفرق جماعة ذلك المسجد.
ومنارة الجامع صاحب البريد أو رجل يدعو الناس إلى دين الله تعالى.
ومن رأى كأنّه سقط من منارة في بئر ذهبت دولته ودلت رؤياه على أنّه يتزوج امرأة سليطة وله امرأة دينة جميلة.
ورأى مهندس كأنّه ارتقى منارة عظيمة من خشب وأذن فقص رؤياه على معبر فقال يصيب ولاية وقوة ورفعة في إنفاق فولي بلخ.
وقيل أنّ القعقاع ركبه دين عشرة آلاف درهم وكان مغموماً فرأى والده في
منامه على شرف منارة يسبح الله ويهلل فلما رآه دعاه واستيقظ فسأل المعبر
عنه فقال إنّ المنارة علو ورفعة
يصيبها أبوك.
قال فإنّ أبي ميت قال المعبر ألست ابنه قال نعم.
قال لعلك تكون عالماً أو أميراً وأما تسبيحه فإنّك في غم وحزن ويفرجه الله
عزّ وجل عنك لقوله تعالى: " فَنَادىِ في الظُلُمَاتِ أنْ لا إله إلا أنْتَ
سُبْحَانَكَ إنِّي كنْتُ مِنَ الظّالِمين " .
فلم يلبث إلا قليلاَ فإذا رجل قد أخذ بيده وقال له أنت القعقاع فقال في
نفسه ليس هذا إلا غريم ملازم فقال له سعدانة امرأة مريضة وهي توصي إتدعوك
قال فذهب معه فإذا جماعة من المشايخ وكتاب مكتوب أنّ سعدانة جعلت ئلث
مالها للقعقاع فأوصت له بثلث مالها وماتت بعد ثلاثة أيام.
ومن رأى كأنّه يصلي في بيت المقدس ورث ميراثاً أو تمسك ببر وإن رأى أنّه
على مصلى رزق الحج والأمن لقوله تعالى: " واتّخِذوا مِنْ مَقَام
إبْرَاهِيمَ مُصَلّى " .
ومن رأى أنّه يصلي في بيت المقدس إلى غير القبلة فإنّه يحج.
فإن رأى كأنّه يتوضأ في بيت المقدس فإنّه يصير فيه شيئاً من ماله.
والخروج منه يدل على سفر وذهاب ميراث منه إن كان في يده.
فإن رأى أنّه أسرج في بيت المقدس سراجاً أصيب في ولده أو إن عليه نذر في ولده يلزمه الوفاء به.
وأما الْعالْم فهو طبيب الدين والمذكر ناصح لقوله تعالى: " وَذَكّرْ فَإنً الذكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنينَ " .
فإن رأى كأنّه يذكر وليس من أهله فإنه في همِ ومرض وهو يدعو الله تعالى بالفرج.
فإن تكلم بالخنا بالحكمة شفي وقضى ديناَ إن كان عليه ونصر على من ظلمه.
وإن تكلّم بالخنا تعسر عليه الأمر وصار ضحكة يستخف به.
والْقاص رجل حسن المحضر لقوله تعالى: " نَحْنُ نَقْص عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصَص " .
فإن رأى كأنّه يقص أمن من خوف لقوله تعالى: " فَلَمّا تجاءَهُ وقصَّ عَلَيْهِ القَصَصَ قَالَ لآتخَفْ " .
وإن رآه تاجر نجا من الخسران.
وإذا رأى في مكان مجلس ذكر: وقراءة قرآن ودعاء وإنشاد أشعار زهدية فإنّ ذلك الموضع يعمر عمارة محكمة على قدر صحة القراءة.
وإن وقع في القرآن لحن لم يكمل ولم يتم وإن أنشد.
*الزكاة والصدقة
والإطعام وزكاة الفطر
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد جميع الغساني بصيدا قال: أخبرنا أبو محمد
جعفر بن محمد بن علي الهمداني قال حدثنا إبراهيم بن الحسين بن علي
الهمداني عن أبي معمر عبد الله بن عمر المقري عن عبد الوارث بن سعيد عن
الحسن بن ذكوان المعلم أنّ يحيى بن كثير حدثهم أنّ عكرمة بن خالد حدثه أنّ
عمربن الخطاب رضي الله عنه رأى في المنام قيل له لتتصدق بأرضك ثم قيل له
ذلك مرات ثلاث فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بذلك فقال: يا رسول
الله إنه لم يكن لنا مال أوصف لنا منه فقالت رسول الله صلى الله عليه
وسلم: تصدّق بها وأشرط.
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: من رأى كأنه يوفي زكاة ماله بشرائطها
فإنّه يصيب مالاً وثروة لقوله تعالى: " وَمَا اتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ
تُرِيدُونَ وَجْهَ الله فَأولَئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ " .
ورؤية الصدقة في المنام: تختلف باختلاف أحواله الرائينِ فإن رأى عالم كأنّه يتصدّق فإنّه يبذل للناس علمه.
فإن رآها سلطان ولي أقواماً وإن رآها تاجر ارتفق بمبايعته أقوام.
وإن رآها محترف علم الأجراء حرفته.
ومن رأى كأنّه أطعم مسكيناً خرج من همومه وأمن إن كان خائفاً فإن أطعم
كافراً فإنّه يقوي عدواً وتأويل المسكين هو الممتحن ومن رأى كأنّه أدى
زكاة الفطر فإنه يكثر الصلاة والتسبيح لقوله تعالى: " قَدْ أَفْلَحَ مَنْ
تَزَكّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلى "
ويقضي ديناً إن كان عليه ولا يصيبه في عامه ذلك مرض ولا سقم.
*الصوم والفطر
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: اختلف المعبرون في تأويلهم الصوم فقال
بعضهم من رأى أنّه في شهر الصوم دلّت رؤياه على غلاء السعر وضيق الطعام.
وقال بعضهم أنّ هذه الرؤيا تدل على صحة دين صاحب الرؤيا والخروج من الغموم والشفاء من الأمراض وقضاء الديون.
فإن رأى كأنه صام شهر رمضان حتى أفطر فإن كان في شك يأتيه البيان لقوله تعالى: " هُدَىً للناس وَبَيِّنَاتِ " .
فإن كان صاحب الرؤيا أُميَاَ حفظ القرآن فإن رأى أنّه أفطر شهر رمضان عمداً جاحداً فإنّه يستخف ببعض الشرائع.
فإن رأى أنّه أقر بحقيقة الصوم واشتهى قضاءه فهو رزق يأتيه عاجلاً من حيث لا يحتسب.
وقال بعضهم أنّ من رأى أنّه يفطر في شهر رمضان فإنّه يصيب الفطرة وقال
بعضهم أنّه يسافر في رضا الله تعالى لقوله عزّ وجلّ: " فَمَنْ كَانَ
مِنْكُم مَرِيضاً أَوْ عَلَىِ سَفَر " .
وقيل أنّه من رأى أنّه أفطر في شهر رمضان متعمداً فإنّه يقتل رجلاَ متعمداً.
ومن رأى أنّه قتل مؤمناً متعمداً فإنّه يفطر في شهر رمضان متعمداً.
ومن رأى كأنّه صام شهرين متتابعين لكفارة فإنّه يتوب من ذنب هو فيه.
ومن رأى كأنّه يقضي صيام رمضان بعد خروج الشهر فإنّه يمرض.
ومن صام تطوعاً لم يمرض تلك السنة لما روي في الخبر: " صوموا تصحّوا " .
ومن رأى كأنّه صائم دهره فإنّه يجتنب المعاصي.
ومن رأى كأنّه صائم لغير الله تعالى بل للرياء والسمعة فإنّه لا يجد ما يطلبه.
فإن رأى إنسان تعوّد صيام الدهر أنّه أفطر فإنّه يغتاب إنساناً أو يمرض مرضاً شديداً.
ومن رأى أنّه صائم ولم يدر أفرض هو أو نفل فإنّ عليه قضاء نذر لقول الله
تعالى: " إنِّي نَذَرْتُ للرَّحْمَنِ صَوْمَاً فَلَنْ أُكَلّمَ الْيَوْمَ
إنْسِيّاً " .
وربما يلزم الصمت لأنّ أصل الصوم السكوت.
ومن رأى كأنّه في يوم عيد فإنّه يخرج من الهموم ويعودإليه السرور وا ليسر.
*المقام وزمزم
وما يتصل به والأضاحي والقربانات
قال الأستاذ أبو سعد رضي الله عنه: من رأى كأنّه خارج إلىِ الحج في وقته
فإن كان صرورة رزق الحج وإِن كان مريضاً عوفي وإِن كان مديوناَ قضي دينه
وإن كان خائفاً أمن وإن كان معسراً يسر وإن كان مسافراَ سلم وإن كان
تاجراً ربح وإن كان معزولاً ردت إليه الولاية وإن كان ضالاً هدي وإن كان
مغموماً فرجِ عنه.
فإن رأى كأنّه خارج إلى الحج ففاته فإنّه إن كان والياً عزل وإن كان تاجراً خسر وإن كان مسافراً قطع عليه الطريق وإن كان صحيحاً مرض.
فإن رأى أنّه حجٍ أو اعتمر طال عمره واستقام أمره.
فإن رأى أنّه طاف بالبيت ولاه بعض الأئمة أمرا شريفاً فإن رأى أنه طاف على الكعبة ومكة فإنّه يأتي ذات محرم.
فإن رأى كأنّه يلبي في الحرم فإنّه يظفر بعدوّه ويأمن خوف الغالب.
فإن لبى خارج الحرم فإنّ بعض الناس يغلبه ويخيفه.
ومن رأى كأنّ الحج واجب عليه ولا يحج دل على خيانته في أمانته وعلى أنّه غير شاكر لنعم الله تعالى.
ومن رأى كأنّه في يوم عرفة وصل رحمه ويصالح من نازعه وإن كان له غائب رجع
إليه في أسر الأحوال فإنّ الله تعالى جمع بين آدم وحواء في هذا اليوم
وعرفها له.
فإن رأى أنّه يصلي في الكعبة فإنّه يتمكن من بعض الأشراف والرؤساء وينال أمناً وخيراً.
ومن رأى كأنّه أخذ من الكعبة شيئاً فإنّه يصيب من الخليفة شيئاً.
والكعبة في الرؤيا خليفة أو أمير أو وزير وسقوط حائط منها يدل على موت الخليفة.
ورؤية الكعبة في المنام بشارة بخير قدمه أو نذارة من شر قد همّ به.
فإن رأى كأنّ الكعبة داره فإنّه لا يزال ذا خدم وسلطان ورفعة وصيت في الناس إلا أن يرى الكعبة في هيئة رديئة فذلك لا خير فيه.
فإن رأى كأنّ داره الكعبة فإنّ الإمام يقبل إذاً عليه ويكرمه.
وقيل من رأى أنّه دخل الكعبة فإنّه يدخلها إن شاء اللهّ وقيل أنّه يدخل علىالخليفة.
فإن رأى أنّه سرق من الكعبة رماناً فإنّه يأتي ذا محرم فإن رأى أنّه يصلي فوق الكعبة فإنّ دينه يختل.
فإن رأى أنّه ولي ولاية بمكة فإن الخليفة يقلده بعض فإن رأى أنّه توجه نحو
الكعبة صلح دينه فإن رأى أنّه أحدث في الكعبة دل على مصيبة تنال الخليفة.
فإن رأى أنّه مجاور بمكة فإنّه يرد إلى أرذل العمر.
فإن رأى أنّه بمكة مع الأموات يسألونه فإنّه يموت شهيداً.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأني أُصلي فوق الكعبة.
فقال: اتق الله فإني أراك خرجت عن الإسلام.
ورأى مهندس أنّه دخل الحرم وصلّى على سطح الكعبة فقص رؤياه على معبر فقال
تنال أمناً ورأى رجل كأنّه تخطى الكعبة ثم قصها على ابن سيرين فقال: هذا
رجل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل في هوى ألا ترى أنّه يتخطى
القبلة فكان كذلك لأنه دخل في الإباحة.
ومن رأى كأنّه مس الحجر الأسود فقيل إنّه يقتدي بإمام من أهل الحجاز.
فإن قلع الحجر الأسود واتّخذه لنفسه خاصة فإنّه ينفرد في الدين ببدعة.
ومن رأى كأنّه وجد شجر بعدما فقده الناس فوضعه مكانه فهذه رؤيا رجل يظن أنّه على الهدى وسائر الناس على الضلالة.
ومن شرب من ماء زمزم فإنّه يصيب خيراً وينال ما يريده من وجه بر.
فإن رأى أنه حضر المقام أو صلى نحوه فإنّه يقيم الشرائع ويحافظ عليها.
ويرزق الحج والأمن.
فإن رأى كأنّه يخطب بالموسم وليس بأهل الخطبة ولا في أهل بيته من هو من
أهلها فإن تأويلها يرجع إلى سميه أو نظيره أو يناله بعضر البلاء أو ينشر
ذكره بالصلاح.
ومن رأى كأنّه أحسن الخطبة والصلاة وأتمها بالناس وهم يستمعون لخطبته فإنّه يصير والياً مطاعاً.
فإن لم يتمها لمٍ تتم ولايته وعزل.
ومن رأى من ليس بمسلم أنّه يخطب فإنّه يسلم أو يموت عاجلاً فإن رأت امرأة
أنّها تخطب وتذكر المواعظ فهو قوة لقيمها وإن كان كلامها في الخطبة غير
الحكمة والمواعظ فإنّها تفتضح وتشتهر بما ينكر من فعل النساء.
وأمِا المنبر فإنّه سلطان العرب.
والمقام الكريمٍ: وجماعة الإسلام.
فمن رأى أنّه على منبرِ وهو يتكلم بكلام البر فإنّه إن كان أهلا أصاب رفعة
وسلطاناً وإن لم يكن للمنبر أهلاَ اشتهر بالصلاح ثم إن لم يكن للمنبر
أهلاً ورأى كأنّه لم يتكلم عليه أو يتكلم بالسوء فإنه يدل علر أنّه يصلب
والمنبر قد شبه بالجذع.
وإن رأى والٍ أو سلطان أنّه على منبر فانكسر أو صرع عنه أو أنزل عنه قهراً
فإنّه يعزل ويزول ملكه إما بموت أو غيره فإن لم يكن صاحب الرؤيا ذا ولاية
ولا سلطان رجع تأويله إلى سميه أو إلى ذي سلطان من عشيرته.
وحكي أنّ رجلاً أتى جعفر الصادق رضي الله عنه فقال: رأيت كأنّي على منبر أخطب فقال ما صناعتك قال حمامي.
فقال يسعى بك إلى السلطان فتصلب فكان كما عبره.
وقد روي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ من رقدته ثم تبسم وقال: رأيت بني مروان يتعاقبون منبري.
فكان كما رآه صلى الله عليه وسلم.
وأما الأضحية: فبشارة بالفرج من جميِع الهموم وظهور البركة لقوله تعالى: ^^^ وَبَشّرْنَاهُ بِإسْحَقَ نَبِياً مِنِ الصّالِحينَ.
وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلَى إسْحَقَ ^^^.
فإن كانت امرأة صاحب الرؤيا حاملاً فإنّها تلد ابناً صالحاً.
ومن رأى أنّه ضحى ببدنة أو بقرة أو كبش فإنّه يعتق رقاباً.
وإن رأى أنّه ضحى وهو عبد عتق.
وإن كان صاحب الرؤيا أسيراً تخلص.
وإن رآه مديون قضي دينه أو فقير أُثري أو خائف أمن أو صرورة حج أو محارب
نصر أو مغموم فرج عنه ومن رأى كأنّه يقسم في الناس لحم قربانه خرج من
همومه ونال عزاً وشرفاً.
ومن رأى كأنه سرق شيئاً من القربان.
فإنّه يكذب على الله.
وقال بعضهم إن المريض إذا رأى أنّه يضحي دلّت رؤياه على موته.
وقال بعضهم إنّه ينال الشفاء.
وأما رؤية عيد الأضحى فإنّه عود سرور ماض ونجاة من الهلكة لأنّ فكاك إسماعيل كان فيه من الذبح.